الوافي ممتاز
عدد المساهمات : 166 تاريخ التسجيل : 23/11/2009 العمر : 30 الموقع : algeria2.ahlamontada.com
| موضوع: فوائد من تفاسير الشيخ ابن عثيمين رحمه الله الخميس ديسمبر 03, 2009 9:26 pm | |
| بسم الله الرحمن الرحيم ، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين نبينا محمد صلى الله عليه وعلى آله وصحبه أجمعين ، أما بعد :
فاستكمالاً لما تم الشروع فيه من استخراج فوائد من كتب العلامة محمد بن عثيمين عليه رحمات رب العالمين وكانت البداية بكتاب رياض الصالحين ، ثم كتاب الأربعين النووية ثم كان الكتاب الثالث تعليق الشيخ على صحيح مسلم ، وهذه الزاوية بإذن الله ستعنى باستخراج فوائد من تفاسير الشيخ ابن عثيمين عليه رحمة الله ، وسأفتتحها باستخراج الفوائد من تفسير الشيخ لسورة الفاتحة والبقرة وهو تفسير مطبوع في ثلاث مجلدات ، والطبعة التي يتم منها النقل هي الطبعة الأولى 1423هـ ، دار ابن الجوزي .
فوائد من المجلد الأول :
1 ـ سورة الفاتحة سميت بذلك لأنه افتتح بها القرآن الكريم ، وقد قيل : إنها أول سورة نزلت كاملة . ص3 .
2 ـ سورة الفاتحة لها مميزات تتميز بها عن غيرها ، منها أنها ركن في الصلوات التي هي أفضل أركان الإسلام بعد الشهادتين فلا صلاة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب ، ومنها أنها رقية إذا قرئ بها على المريض شُفي بإذن الله ، لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال للذي قرأ على اللديغ ، فبرئ : ( وما يدريك أنها رقية ) .
وقد ابتدع بعض الناس اليوم في هذه السورة بدعة ، فصاروا يختمون بها الدعاء ، ويبتدئون بها الخطب ويقرؤونها عند بعض المناسبات ، وهذا غلط : تجده مثلاً إذا دعا ، ثم دعا قال لمن حوله : ( الفاتحة ) يعني اقرؤوا الفاتحة ، وبعض الناس يبتدئ بها في خطبه أو في أحواله ، وهذا أيضاً غلط لأن العبادات مبناها على التوقيف ، والاتباع . ص 3-4 .
3 ـ هل البسملة آية من الفاتحة أو لا ؟
في هذا خلاف بين العلماء فمنهم من يقول : إنها آية من الفاتحة ، ويقرأ بها جهراً في الصلاة الجهرية ، ويرى أنها لا تصح إلا بقراءة البسملة لأنها من الفاتحة ومنهم من يقول : إنها ليست من الفاتحة ولكنها آية مستقلة من كتاب الله وهذا القول هو الحق ودليل هذا : النص ، وسياق السورة .
أما النص :
فقد جاء في حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( قال الله تعالى : قسمت الصلاة بيني وبين عبدي نصفين : إذا قال : ( الحمد لله رب العالمين ) قال الله تعالى : حمدني عبدي ، وإذا قال : ( الرحمن الرحيم ) قال الله تعالى : أثنى علي عبدي ، وإذا قال : ( مالك يوم الدين ) قال الله تعالى : مجدني عبدي ، وإذا قال ( إياك نعبد وإياك نستعين ) قال الله تعالى : هذا بيني وبين عبدي نصفين ، وإذا قال : ( اهدنا الصراط المستقيم ) قال الله تعالى : هذا لعبدي ولعبدي ما سأل ) ، وهذا كالنص على أن البسملة ليست من الفاتحة ، وفي الصحيح عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال : ( صليت خلف النبي صلى الله عليه وسلم وأبي بكر ، وعمر ، فكانوا لا يذكرون ( بسم الله الرحمن الرحيم ) في أول قراءة ولا في آخرها ) والمراد لا يجهرون والتمييز بينها وبين الفاتحة في الجهر وعدمه يدل على أنها ليست منها .
أما من جهة السياق من حيث المعنى :
فالفاتحة سبع آيات بالاتفاق ، وإذا أردت أن توزع سبع الآيات على موضوع السورة وجدت أن نصفها هو قوله تعالى : ( إياك نعبد وإياك نستعين ) وهي الآية التي قال الله فيها : ( قسمت الصلاة بيني وبين عبدي نصفين ) لأن ( الحمد لله رب العالمين ) واحدة ( الرحمن الرحيم ) الثانية ( مالك يوم الدين ) الثالثة ، وكلها حق لله عز وجل ( إياك نعبد وإياك نستعين ) الرابعة يعني الوسط وهي قسمان : قسم منها حق لله ، وقسم حق للعبد ( اهدنا الصراط المستقيم ) للعبد ( صراط الذين أنعمت عليهم ) للعبد ( غير المغضوب عليهم ولا الضالين ) للعبد .
فتكون ثلاث آيات لله عز وجل وهي الثلاث الأولى ، وثلاث آيات للعبد وهي الثلاث الأخيرة وواحدة بين العبد وربه وهي الرابعة الوسطى .
فالصواب الذي لا شك فيه أن البسملة ليست من الفاتحة كما أن البسملة ليست من بقية السور . ص7 ـ 9 .
4 ـ قال تعالى : ( الحمد لله رب العالمين ) فهنا تقديم وصف الله بالألوهية على وصفه بالربوبية :
وهذا إما لأن ( الله ) هو الاسم العَلَم الخاص به ، والذي تتبعه جميع الأسماء ، وإما لأن الذين جاءتهم الرسل ينكرون الألوهية فقط . ص 10 .
5 ـ ربوبية الله عز وجل مبنية على الرحمة الواسعة للخلق الواصلة ، لأن الله تعالى لما قال : ( رب العالمين ) كأن سائلاً يسأل : ( ما نوع هذه الربوبية ؟ هل هي ربوبية أخذ ، وانتقام ، أو ربوبية رحمة ، وإنعام ؟ قال تعالى : ( الرحمن الرحيم ) . ص11 .
6 ـ في قوله تعالى : ( مالك ) قراءة سبعية : ( مَلِك ) و( المَلِك ) أخص من ( المالك ) .
ففي الجمع بين القراءتين فائدة عظيمة ، وهي أن ملكه جل وعلا ملك حقيقي ، لأن من الخلق من يكون ملكاً ، ولكن ليس بمالك : يسمى ملكاً اسماً وليس له من التدبير شيء ، ومن الناس من يكون مالكاً ، ولا يكون ملكاً : كعامة الناس ، ولكن الرب عز وجل مالك ملك . ص 12 .
7 ـ قال تعالى : ( مالك يوم الدين )
إن قال قائل : أليس مالك يوم الدين ، والدنيا ؟
فالجواب : بلى ، لكن ظهور ملكوته ، وملكه ، وسلطانه ، إنما يكون في ذلك اليوم لأن الله تعالى ينادي : ( لمن الملك اليوم ) فلا يجيب أحد فيقول تعالى : ( لله الواحد القهار ) في الدنيا يظهر ملوك يعتقد شعوبهم أنه لا مالك إلا هم فالشيوعيون مثلاً لا يرون أن هناك رباً للسموات ، والأرض يرون أن الحياة : أرحام تدفع ، وأرض تبلع ، وأن ربهم هو رئيسهم . ص 12ـ 13 . 32 ـ قال تعالى : ( وقلنا يا آدم اسكن أنت وزوجك الجنة ) .
هل المراد بـ ( الجنة ) جنة الخلد ، أم هي جنة سوى جنة الخلد ؟
ظاهر الكتاب ، والسنة أنها جنة الخلد ، وليست سواها لأن ( أل ) هنا للعهد الذهني .
فإن قيل : كيف يكون القول الراجح أنها جنة الخلد مع أن من دخلها لا يخرج منها وهذه أُخرج منها آدم ؟
فالجواب : أن من دخل جنة الخلد لا يخرج منها بعد البعث ، وفي هذا يقول ابن القيم في الميمية المشهورة :
فحي على جنات عدن فإنها منازلك الأولى وفيها المخيم
قال : ( منازلك الأولى ) لأن أبانا آدم نزلها . ص128 .
33 ـ قال تعالى مخاطباً آدم وحواء : ( ولا تقربا هذه الشجرة فتكونا من الظالمين ) .
قد يُنهى عن قربان الشيء والمراد النهي عن فعله للمبالغة في التحذير منه ، فإن قوله تعالى : ( ولا تقربا هذه الشجرة ) المراد : لا تأكلا منها ، لكن لما كان القرب منها قد يؤدي إلى الأكل نُهي عن قربها . ص131 . ـ قال تعالى : ( ومنهم أميون لا يعلمون الكتاب إلا أماني وإن هم إلا يظنون ) .
من فوائد الآية : ذم من لا يعتني بمعرفة معاني كتاب الله عز وجل ، فمن لا يفهم المعنى فإنه لا يتكلم إلا بالظن لقوله تعالى : ( وإن هم إلا يظنون ) . ص256 .
41 ـ كفر بني إسرائيل بالنبي صلى الله عليه وسلم ما هو إلا بغي وحسد لقوله تعالى : ( بغياً أن ينزل الله من فضله على من يشاء من عباده ) ، فمن رد الحق من هذه الأمة لأن فلاناً الذي يرى أنه أقل منه هو الذي جاء به فقد شابه اليهود . ص294 .
42 ـ ينبغي على من آتاه الله من فضله من العلم وغيره ، أن يكون أعبد لله من غيره لأن الله تعالى أعطاه من فضله فكان حقه عليه أعظم من حقه على غيره ، فكلما عظم الإحسان من الله عزوجل استوجب الشكر أكثر ، ولهذا كان النبي صلى الله عليه وسلم يقوم في الليل حتى تتورم قدماه فقيل له في ذلك فقال : ( أفلا أكون عبداً شكوراً ) . ص295 .
43 ـ قال تعالى : ( قل إن كانت لكم الدار الآخرة عند الله خالصة من دون الناس فتمنوا الموت إن كنتم صادقين ) .
ظاهر الآية الكريمة أن الله تعالى أمر نبيه صلى الله عليه وسلم أن يتحداهم بأنه إن كانت الدار الآخرة لهم كما يزعمون فليتمنوا الموت ليصلوا إليها ، وهذا لاشك هو ظاهر الآية الكريمة وهو الذي رجحه ابن جرير ، وكثير من المفسرين .
وذهب بعض العلماء إلى أن المراد بقوله تعالى : ( فتمنوا الموت ) أي فباهلونا ، وتمنوا الموت لمن هو كاذب منا فتكون هذه مثل قوله تعالى في سورة آل عمران : ( فمن حاجك فيه من بعد ما جاءك من العلم فقل تعالوا ندع أبنائنا وأبنائكم ونسائنا ونسائكم وأنفسنا وأنفسكم ثم نبتهل فنجعل لعنة الله على الكاذبين ) فيكون هذا المعنى :
تمنوا الموت عن طريق المباهلة ، ورجح هذا ابن كثير وضعف الأول بأنه لو كان المراد : تمنوا حصول الموت لكانوا يحتجون أيضاً علينا نحن ، ويقولون : أنتم أيضاً إن كنتم تقولون : إن الدار الآخرة لكم فتمنوا الموت لأن تحديكم إيانا بذلك ليس بأولى من تحدينا إياكم به ، لأنكم أنتم أيضاً تقولون : إن الدار الآخرة لكم ، وأن اليهود بعد بعثة الرسول صلى الله عليه وسلم في النار ، فتمنوا الموت أيضاً .
والجواب عن ذلك :
أنا لم ندع أن الدار الآخرة خالصة لنا من دون الناس بل نؤمن بأن الدار الآخرة لكل من آمن وعمل صالحاً سواء كان من هذه الأمة أم من غيرها ، وهذا المعنى الذي نحا إليه ابن كثير ـ رحمه الله ـ مخالف لظاهر السياق فلا يعول عليه وقد عرفت الانفكاك منه . ص308 .
44 ـ قال الله جل وعلا عن اليهود : ( ولتجدنهم أحرص الناس على حياة ) .
نكر الله جل وعلا ( حياة ) ليفيد أنهم حريصون على أي حياة كانت وإن قلت حتى لو لم يأتهم إلا لحظة فهم أحرص الناس عليها . ص309 .
45 ـ من غور فهم السلف كراهتهم أن يدعى للإنسان بالبقاء ، فإن الإمام أحمد كره أن يقول للإنسان : ( أطال الله بقاءك ) لأن طول البقاء قد ينفع ، وقد يضر إذاً الطريق السليم أن تقول : ( أطال الله بقاءك على طاعة الله ) أو نحو ذلك . ص312 .
46 ـ قال تعالى : ( ما يود الذين كفروا من أهل الكتاب ولا المشركين أن ينزل عليكم من خير من ربكم ) .
لا يعارض هذه الآية قوله تعالى : ( لتجدن أشد الناس عداوة للذين آمنوا اليهود والذين أشركوا ولتجدن أقربهم مودة للذين آمنوا الذين قالوا إنا نصارى ذلك بأن منهم قسيسين ورهباناً وأنهم لا يستكبرون ) .
لأن هذه الآية في صنف معين من النصارى وهم الذين منهم القسيسون والرهبان الذين من صفاتهم أنهم لا يستكبرون ، فإذا وجد هذا الصنف في عهد الرسول صلى الله عليه وسلم أو بعده انطبقت عليه الآية ، لكن اختلف حال النصارى منذ زمن بعيد نسأل الله أن يعيد للمسلمين عزتهم وكرامتهم ، حتى يعرفوا حقيقة عداوة النصارى ، وغيرهم من أهل الكفر فيعدوا لهم العدة . ص344 ـ 345 .
47 ـ قال جل وعلا : ( ما ننسخ من آية أو ننسها نأت بخير منها أو مثلها ) .
وجه الخيرية كما يقول العلماء أن النسخ إن كان إلى أشد فالخيرية بكثرة الثواب وإن كان إلى أخف فالخيرية بالتسهيل على العباد مع تمام الأجر ، وإن كان بالمماثل فالخيرية باستسلام العبد لأحكام الله عزوجل وتمام انقياده لها كما قال تعالى : ( وما جعلنا القبلة التي كنت عليها إلا لنعلم من يتبع الرسول ممن ينقلب على عقبيه ) . ص346 ـ 347 .
48 ـ قال تعالى : ( بلى من أسلم وجهه لله وهو محسن فله أجره عند ربه ولا خوف عليهم ولا هم يحزنون ) .
إن إخلاص النية وحده لا يكفي في تبرير التعبد لله لقوله تعالى : ( وهو محسن ) وعلى هذا فمن قال : إنه يحب الله ، ويخلص له وهو منحرف في عبادته فإنه لا يدخل في هذه الآية لاختلال شرط الإحسان .
ويتفرع على هذه الفائدة أن أهل البدع لا ثواب لهم على بدعهم ـ ولو مع حسن النية ـ لعدم الإحسان الذي هو المتابعة ، والأجر مشروط بأمرين : الأول : إسلام الوجه لله والثاني : الإحسان . ص370 .
49 ـ النص من الكتاب والسنة إذا كان يحتمل معنيين لا منافاة بينهما ، ولا يترجح أحدهما على الآخر فإنه يحمل على المعنيين جميعاً ، لأنه أعم في المعنى ، وهذا من سعة كلام الله عزوجل ، وكلام رسوله صلى الله عليه وسلم وشمول معناهما ، وهذه قاعدة مهمة ينبغي أن يحتفظ بها الإنسان . ص373 .
50 ـ حكم الله سبحانه وتعالى ينقسم إلى ثلاثة أقسام :
شرعي : مثل قوله تعالى في سورة الممتحنة ذلكم حكم الله يحكم بينكم ) .
كوني : مثل قوله تعالى عن أخي يوسف : ( فلن أبرح الأرض حتى يأذن لي أبي أو يحكم الله لي وهو خير الحاكمين ) .
جزائي : مثل قوله تعالى : ( فالله يحكم بينهم يوم القيامة ) . والحكم الجزائي هو ثمرة الحكم الشرعي لأنه مبني عليه : إن خيراً فخير وإن شراً فشر . ص375 .
51 ـ الحكم يوم القيامة بين الناس إما بالعدل أو بالفضل ، ولا يمكن أن يكون بالظلم لقوله تعالى : ( وما ربك بظلام للعبيد ) وقوله تعالى : ( ولا يظلم ربك أحداً ) هذا بالنسبة لحقوق الله أما بالنسبة لحقوق الخلق فيما بينهم فيقضى بينهم بالعدل .
فإذا قال قائل : إذا كان الله تعالى يجزي المؤمنين بالفضل ، فما الجواب عن قوله تعالى : ( ليجزي الذين آمنوا وعملوا الصالحات بالقسط ) ؟
فالجواب : أن هذا هو الذي أوجبه الله على نفسه والفضل زيادة والمقام مقام تحذير . ص376 .
هذا ما من الله تعالى به من فوائد من المجلد الأول ويليه بإذن الله فوائد من المجلد الثاني . تقبلو تحياتي اخوكم | |
|